طاهر زمخشري … خروف العيد لا تحزن

هل تعرفون صاحب هذه الصورة ، إنه الأديب السعودي طاهر زمخشري ، توفي عام ١٩٨٧ وعمره ٨١ عام ،
صاحب هذا القلب الأبيض سُئل يوماً في لقاء مع أحد الإعلاميين ، من أنت ؟ عرف بنفسك .. فقال مداعباً :
” أنا كومة الفحم السوداء التي تلبس ثياباً بيضاء، وتقول شعراً قصائده حمراء وخضراء وصفراء”


عرفت قصائده أول مرة وأنا طفل أدرس في المرحلة المتوسطة ، وكانت عندي هواية القراءة واقفاً ، كنت أجتازُ إلى ركن صغير لبيع الكتب في طريقي وأنا عائد من المدرسة إلى البيت وأمسك أي كتاب جديد وأقرأ ،،، مادام العامل في المحل يسمح لي.
وذات يوم وقفت أفتش في الكتب الجديدة فوجدت كتاباً بعنوان “خروف العيد” ديوان شعر .. للأستاذ طاهر زمخشري.
ومع كل عيد أتذكر هذه القصيدة :

خروف العيد لا تحزن *** فهذي حكمة الرب

وطاهر زمخشري ليس بعيداً عن أدب الأطفال فله كثير من القصائد والبرامج الإذاعية ، كما أصدر مجلة مخصصة للأطفال بالألوان ، نعم بالألوان لأن المجلات الملونة حينها كانت أحدث تقنية .

لله كم كانت كمية الحزن التي انتابتني من قصيدة خروف العيد ، غفر الله لك يا طاهر زمخشري ، لكنها تحمل بعداً تربوياً وعقدياً صحيحاً .
لا تتوقعوا أنني بسبب قراءة هذه القصيدة أصبت بعقدة كأطفال اليوم وأصبحت أكره ذبح الخرفان في عيد الأضحى ،، أبداً ..
وفيها :
فقد أمنت من نصبٍ ومن غدرٍ ومن ذئبِ

خروف العيد ليست من قصائد طاهر زمخشري النفسية ، هي جزء من نتاجه الموجه للأطفال ووقعت في يدي في الوقت المناسب فكان لها عليّ هذا التأثير ، وهي مرتبطة عندي بموقف وزمن يتكرر بِنَا كل عام وهو هذا العيد المبارك ،

طاهر رحمه الله لم يكن في عصره هذه التيارات الفكرية الخبيثة ولذلك أتوقف عن اتهامه أو تبرئته من أي تصنيف فكري، ولا أعرف عنه شئ في هذا المجال ، وهو أديب خدم اللغة العربية وأثرى الساحة الأدبية .

وليس أجمل من أن تسمع الشعر من صاحب القصيدة ، وقد سمعت من طاهر زمخشري عبر شاشة التلفزيون – كما سمع ملايين غيري – طرفاً من قصيدته الرائعة : تقسو عليّ بلا ذنبٍ أتيت به.. وفيها يقول:

حسبي من الحب أني بالوفاء له *** أمشي وأحمل جرحاً ليس يلتئمُ

هذه القصيدة أحسب أنها تصنف مع القصائد النفيسة كقصائد أبي تمام وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم ، انقلها إليكم ختاماً

تقـْسُو عليّ بِلا ذنْـبٍ أتيْـتُ بـِه … ومَـا تبرّمْـتُ لكِـن خاننـِي النغَـمُ
أعَـادَهُ شجناً بَـاحَ الأنيْـن بـِه … فهـل يُـلام مُحـبٌ حـَالـُه عـَـدمُ
حَسْبي مِنَ الحُبّ أنّي بالوفـَاء لَـه … أمشِي وأحـْمِـلُ جَرْحًـا ليْـس يلتئِـمُ
وما شكَوتُ لأنَي إنْ ظـُلـِمتُ فكَـمْ … قبلي مِن الناس في شَرْعِ الهَوى ظـُلِمُوا
أبْكِي وأضْحَكُ والحَالاتُ واحِـدَة … أطـْوي عـَليْهـا فـؤادًا شفّـهُ الألَـمُ
فإنْ رأيتَ دمُوعِي وهي ضَاحِكَـةٌ … فالدمْـعُ مِـن زَحْمَـة الآلام يَبْتَسِـمُ
وفي الجَوانِحِ خَفّاقٌ مَتَى عَصَفَـتْ … بِه الشُجُون تَلَـوّى وهـو مُضْطَـرِمُ
فـ اظـْلُمْ كَمَا شِئتَ لا أرْجُوكَ مَرْحَمَةٌ … إنـّا إلَـى الله يـَومَ الحَشْـرِ نَحْتَكـِمُ

رحم الله طاهر ،

Add to Anti-Banner

الكاتب